cbi
إحصائيات

توضيح حول الاحتياطيات الاجنبية في البنك المركزي العراقي

June 25, 2020
توضيح حول الاحتياطيات الاجنبية في البنك المركزي العراقي



يعد الفائض المالي الحقيقي ما تحققه الحكومة متمثلةً بوزارة المالية من إيرادات تتجاوز نفقاتها العامة في خلال سنة مالية، فإذا ما حققت وزارة المالية إيرادات (مبيعات النفط الخام بصورة عامة) بقيمة أكبر من نفقاتها (الانفاق الاستثماري والانفاق الجاري) فإنها تحقق فائضًا في الميزانية، ويمكن ان تقوم الحكومة باستثماره سواء داخليًا أو خارجيًا بصورة صناديق سيادية أو صناديق استثمار وغيرها، والعكس في حال كانت الإيرادات العامة أقل من النفقات وتحقق حينها عجزًا حقيقيًا يتطلب تمويله سواء عن طريق البحث عن إيرادات إضافية أو تعزيز الإيرادات القائمة أو اللجوء إلى الاقتراض الداخلي و/أو الخارجي.
وهنا لا بد من توضيح أن الاحتياطيات الأجنبية التي يحتفظ بها البنك المركزي لا تعد أموال فائضة، وإنما تتراكم نتيجة لآلية معينة يقوم وفقها البنك المركزي بما يسمى بعملية التنقيد، إذ تقوم وزارة المالية ببيع الجزء الأكبر من إيراداتها الدولارية إلى البنك المركزي بهدف الحصول على الدينار العراقي الذي يصدره البنك المركزي العراقي لتنفيذ إنفاقها المحلي، وطالما يتبنى البنك المركزي العراقي سعرًا ثابتًا لصرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي، ويسعى عن طريق نافذة بيع العملة المحافظة على هذا قيمة ثابتة للدينار، لذا فإن لحامل الدينار العراقي حقًا في الاحتياطيات الأجنبية والتي تعد غطاءً للعملة المحلية.
ويمكن الإشارة هنا إلى مفهوم الاحتياطيات الأجنبية وفق دليل ميزان المدفوعات ووضع الاستثمار الدولي الصادر عن صندوق النقد الدولي (هي الأصول الخارجية الموجودة تحت تصرف السلطة النقدية والخاضعة لسيطرتها لتلبية احتياجات ميزان المدفوعات التمويلية أو التدخل في أسواق الصرف للتأثير على سعر صرف العملة، أو غير ذلك من الأغراض ذات الصلة (كالمحافظة على الثقة في العملة المحلية وتشكيل أساس يستند إليه في الاقتراض الخارجي) ولا بد أن تكون الأصول الاحتياطية أصولًا بالعملة الأجنبية وأصولًا موجودة بالفعل، ويستبعد منها الأصول المحتملة. ويستند مفهوم الأصول الاحتياطية إلى مفهومي "السيطرة" و"إتاحة الاستخدام" بالنسبة للسلطات النقدية.
وبناء على التعريف الاحتياطيات الأجنبية أعلاه يمكن تثبيت الآتي:
1.    انها توفر غطاءً للعملة المحلية وأداة لدعم سعر الصرف.
2.    انها الأداة الاساسية للبنك المركزي للتدخل وتعديل اختلالات هيكل ميزان المدفوعات، 
3.    انها توفر عنصرًا مهمًا في وضع الجدارة الائتمانية للبلد، وتعزز التصنيف الائتماني للبلد في التعاملات الدولية.

ويمثل المستوى الأمثل للاحتياطيات الأجنبية -أي الحد الأدنى لقيمة الاحتياطيات الأجنبية التي يتوجب على السلطة النقدية حيازتها والذي يتم احتسابه وفق معايير معتمدة دوليًا- قدرة السلطة النقدية في الدفاع عن سعر صرف العملة المحلية. وأهم هذه المعايير (معيار عرض النقود والذي يمثل كفاية الاحتياطيات الأجنبية لتغطية المعروض من العملة المحلية، ومعيار التجارة والذي يمثل عدد الأشهر الذي يمكن أن تمول فيه الاحتياطيات الأجنبية استيرادات البلد من السلع والخدمات) وتبنى هذه المعايير بافتراض حدوث صدمة تؤثر على تراكم الاحتياطيات الأجنبية بصورة شبه تامة.
وفيما يخص إدارة الاحتياطيات الأجنبية، فهناك قواعد متعارف عليها دوليًا تعتمد في إدارة الاحتياطيات الأجنبية من حيث كونها أصولها سائلة (أوراق مالية، ودائع، ذهب...) ويتوخى فيها التوزيع الجغرافي وتنوع العملات وغيرها من العوامل التي تقلل من التعرض للمخاطر وتوفر عوائد تضمن استدامة هذه الاحتياطيات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن للاقتراض الداخلي من قبل الحكومة سواء قام بتمويله البنك المركزي العراقي بصورة مباشرة أي خصم مباشر للأوراق المالية المصدرة من قبل وزارة المالية -وهو ما يحظره قانون البنك المركزي العراقي- أو بصورة غير مباشرة عن طريق الخصم لصالح المصارف التجارية المحلية، لكليهما أثر سلبي على الاحتياطيات الأجنبية إذا ما افترضنا أن أولوية الحكومة هي تمويل ذلك الجزء من الانفاق المتمثل بتعويضات العاملين، إذ ينعكس هذا الجزء على الإنفاق الاستهلاكي والذي يتم تلبيته عن طريق السلع والخدمات المستوردة بصورة رئيسة، مما سيولد بدوره طلبًا مشتقًا على العملة الأجنبية وبالتالي خروج جزء من الاحتياطيات الأجنبية لتمويل هذه الاستيرادات، وهذا الأثر سيستمر حتى تاريخ استحقاق الأوراق المالية.
في حين أن الاقتراض الخارجي سينعكس بصورة إيجابية على تراكم الاحتياطيات الأجنبية، طالما ستقوم وزارة المالية بتنقيده لغرض الحصول على العملة المحلية، وتسليم العملة الأجنبية إلى البنك المركزي ليضاف إلى الاحتياطيات الأجنبية.